الأحد، 10 مارس 2013

مذكرات أميرة عربية من زنجبار...!! ج2 الاخير...




أصدقائي الاعزاء من متابعي هذه المذكرات (لسالمه بنت سعيد) ..تابعنا في الجزء الاول وصف الكاتبه لحياتها خلال فترة طفولتها في قصر والدها بزنجبار ،واصفتآ القصر وطباع ساكنيه وبعض العادات وكذلك أرائها فيما كان يجري…وها نحن نكمل هذه المذكرات،والتي نتطرق بها الى ارائها من قضايا مهمة مثل المرأه والعمل وغيرها….! تكمل سالمه ذكريات طفولتها واصفتآ (البنجله) وهي كلمة سواحيليه.والتي تعرف الان بدول الخليج (بالبنكله) ..او القاعه الصيفيه المفتوحة من جوانبها والتي غالبآ ما يغطيها سقف من الخشب او سعف النخيل او من رقائق المعادن…حيث تحمي الجالسين تحتها من حر الشمس و المطر… تقول سالمه في هذا الموضع(( كان اطيب مكان لنا في بيت الموتني هو المنظرة،وكان اسمها الشائع بيننا هو البنجلة،ولعله أسمها باللغة السواحيلية. وتقع أمام القصر قرب شاطيء البحر،وكانت عبارة عن بناء دائري الشكل مفتوح من جميع اطرافه، عظيم السعة بحيث تتسع مساحته لأية حفلة باليه تقام فيها! ..وكانت البنجلة بسقفها المرفوع فوقها كالخيمة …اما أرضيتها وسقفها ودرابزيناتها كلها كانت من الخشب الثمين اللماع)).. وتواصل الوصف (( لم يكن في البنجلة من الاثاث والمتاع شيء سوى العدد العديد من كراسي الخيزران ..وسوى منظار مكبر (تلسكوب) منصوب في طرف القاعة من جهة البحر…كان منظر البحر من هذا المكان رائعآ أخاذآ ..وكان من عادة السلطان ان يقصد هذا المكان مرتين أو ثلاثآ في اليوم لتناول القهوة فيه، ومعه زوجته عزه بنت سيف والبالغون من ذريته ومن تيسر من أمهات أولاده)).بعذ ذلك تصف لنا المركب الملكي والذي كان راسيآ في البحر قبالة القصر فتقول ،
 
 
(( وكان المركب الرحماني،مركب والدي الخاص ، رابضآ أمام البنجلة طوال العام، ولم تكن له في الظاهر من وظيفة إلا إيقاظنا بمدافعه الهادرة في ليالي رمضان لتناول السحور ، أخر واجباتنا الليلية،وتزويدنا بالرجال الذين يجذفون لنا القوارب الصغيرة كلما أردنا القيام بجولة بحرية صغيرة)) وبعد هذا الوصف للبنجلة تعرج سالمه لتصف لنا اللباس والزي الرسمي والذي كان شائعآ بالقصر بالنسبه للنساء، وتقول بهذا الصدد (( ان تعدد الجنسيات لم يؤثر على اللباس..فقد كان الزّي العربي هو الزي الوحيد الذي يجب الظهور فيه في بيت الموتني، فأذا ما وصلت القصر شركسية بثيابها المزركشة أو حبشية بزيها الفضفاض ذي الألوان الصارخة،كان عليهما أن يستبدلا بهما خلال ثلاثة أيام لباسآ عربيآ تقدمه لهما إحدى أمينات القصر..)) وتضيف بشيء من التفصيل(( ان من مظاهر الحياة في بلادنا أن تتزين المرأة بالحلي والمصوغات، والواقع ان الزينة بالحلي عندنا أمر شائع الى حد أن الشحاذات يضعن عليهن حليهن ومصاغهن وهن يقفن في منعطفات الطرق يستجدين المارة!!)) ثم تضيف على كلامها(( وكان من تمام الزي الرسمي لنا، نحن البنات الصغيرات، وحتى نبلغ سن الحجاب ، ان نرتدي فوق فساتيننا المعتادة قميصآ فضفاضآ يغطي أجسامنا يصنع من قماش شفاف يطرز احيانآ بخيوط الذهب والفضة)).. بعد ذلك تطرقت سالمه الى موضوع مهم وهو وصول الفتيان سن البلوغ وتصف يشيء من التفصيل العادات والمراسم المتوارثة التي كانت تجري لهذه المناسبة المهمة ،حيث تقول(( كانت العادة في عائلتنا ان يبقى الامراء تحت رعاية أمهاتهم حتى يعلن عن بلوغهم سن الرشد في الثامنة عشرة أو العشرين من أعمارهم..وكان هذا الاعلان يتأخر حينآ او يتقدم تبعآ لسلوك الامير ومقدار نضجه وحسن تصرفه، وتبعآ لرضى الوالد عنه، ويتم بمراسم تقليدية يترأسها السلطان وكبار القوم من وزراء وقضاة. …وفي عائلتنا كان هذا الحدث يعني الى جانب أستقلال الامير في أموره، تملكه دارآ مستقلة لسكناه،يتبعها العديد من الخدم والحشم..وعددآ من خيار الجياد، عدا عن مكافأة شهرية مجزية تجري عليه طول الحياة ،وعلى هذا المنوال منح ابي أخي ماجدآ هذا الامتياز)) ..ثم تصف كيف ان اخيها ماجد (اصبح السلطان بعد وفاة والده) قد دعاها وامها للانتقال الى داره الخاص بعد بلوغه سن البلوغ حيث تقول((في احدالايام وصل إلينا ماجد وعليه علائم السعادة والغبطة وأنهى الى امي بشرى رضاء الوالد عنه ،وبلوغه سن الرشد،ومنحه حرية التصرف ،ووهبه دار خاصة به..وقد توسل الى أمي أن تنتقل للسكن معه واخته خديجه في داره الجديدة.)).بعد ذلك تصف لنا مشاعر امها تجاه فراقها للقصر الذي تربت وترعرعت به وعلاقتها بساكنيه من ساده وخدم فتقول (( لم يكن حزن أهل الدار على فراق أمي بأقل من حزنها على فراقهم..فما شاع خبر رحيلنا عنهم!حتى بدأ العتب يأتيها من كل صوب، والاسئلة تنهال عليها من كل صديق وصديقة.. أحقآ انك مللت العيش معنا ياجلفدان(وكان هذا اسمها) وقررت الرحيل عنا؟ ما الذي غير قلبك نحونا؟ الى اخر الاسئلة.. وكان رد امي أليهم أن النقلة لم تتم بأرادتها وانما هي قضاءمن الله لا مندوحة عنه)) وتفصح سالمه عن ارائها ومفهوم المجتمع الاسلامي في عبارة القضاء والقدر بشيء من التفصيل فتقول((ربما تصدم بعض القراء الاوربيون كلمة(قضاء من الله) فيمطون شفاههم سخرية أو يهزّون أكتافهم أستخفافآ بالفكرة وكاتبها..وهؤلاء ولاشك ممن أغلقوا أبصارهم وبصائرهم دون عظمة الخالق المتجلية في الارض والسماء!وتجاهلوا إرادته العليا معتقدين أن الصدفة لاغيرها هي التي تقرر مصائر الإنسان..)) ثم تضيف شيء من التفصيل على الموضوع فنراها تقول.((لكن من الواجب أن يذكر هؤلاء القراء أن صاحبة هذه المذكرات إنما تروي هنا ذكرياتها عن الحياة العربية في البيوت العربية،حيث لا وجود هناك البتة لكلمتي الصدفة والطبيعة،كما يجب الا يفوت هؤلاء القراء أن الكاتبة قد ولدت ونشأت على دين الاسلام،والمسلم يؤمن بأن الله ليس هو الخالق والحافظ والقابض فحسب بل هو العلي المهيمن أيضآ، وأنه لايكون شيء إلا ان يشاءه وان أرادته لا ارادة الانسان!هي العليا والسائده في كل الامور صغيرها وكبيرها))..
 
وبعد ذلك جرت الاستعددات لانتقال سالمه وأمها الى بيت اخيها ماجد (قصر الواتورو)، وجاء يوم الانتقال سريعآ، حيث ركبوا المركب الرحماني وانتقلوا الى المدينه ثم حط بهم الرحال اخيرآ في القصر الجديد وفي هذا الموضع تصف سالمه لحظة الوصول (( وعلى هذا مضينا في طريقنا الى بيت الواتورو بيت ماجد وخديجة، ويقع بالقرب من بيت الساحل ويطل مثله على البحر،وقد استقبلتنا أختي خديجة عند مدخل الدار بالعناق والقبلات ورحبت بنا ترحيبآ قلبيآ حارآ لاشائبة فيه، ثم قادتنا إلى جناحها حيث دار الخدم علينا بأنواع المرطبات،في حين ظل ماجد وصحبه في غرفة الاستقبال،ولم يدخل علينا إلا بعد أن استأذنت له خديجة وأمي،كما تقضي العادات، وما كان أروع سرور ماجد وأصدق عواطفه إذ تحقق له ان يضمنا في بيته…)) بعد ذلك تصف سالمه البيت بشيء من التفصيل وما يحتويه من أثاث وبسط ومقتنيات وديكورات شرقيه،اخترت لكم هذا الوصف للسحارات او صناديق الملابس تلك الايام((وكذلك لا وجود لخزانات الملابس ودواليبها في الغرف العربيه ويستعاض عنها بالسحارات وهي صناديق كبيرة ضخمة لها أدراج متعددة وتحتوي على مخبأ سري لوضع النقود والحلي، وقد تجد في الغرفة الواحدة أعدادآ من هذه السحارات مرصوفة الى جدران الغرفة وبعضها مصنوع في الهند من خشب نفيس تزينه النقوش المحفورة، وبعضها من صنع محلي أو مجلوب من عُمان، ويمتاز بأصباغه البدائية المتناسقة،وجميعها مزينة بمسامير نحاسية صفراء ذات رؤوس مدورة كبيرة وقد صفت على أشكال الأهلة والنجوم)) ثم تواصل سالمه الوصف لعدد من العادات الاجتماعية الخاصه داخل البيت والمتوارثه من زمن بعيد(( وقد كشفت لي حياتنا الجديدة عن مقدار كلف أختي خديجة بالحياة الاجتماعية واستقبال الزائرات، فقد كان بيتنا يعج بهم مثل خلية النحل،فلا يكاد يمر يوم واحد في الاسبوع دون أن يمتليء الدار بأفواج الزائرات،يصلن أبتداءآ من الساعة ا السادسة صباحآ، ولربما استمر المكوث لبعضهن الى منتصف الليل.وكانت الخادمات يستقبلنهن عند وصولهن المبكر ويقدنهن الى جناح خاص حيث ينتظرن هناك حتى تستقبلهن ربة الدارفي الساعة الثامنة او التاسعة صباحآ ))..وتتطرق بعد ذلك الى عمل المرأه في المجتمع العربي الاسلامي وعن اسباب عدم خروجها للعمل خارج المنزل..(( ما زلت منذ قدومي إلى هذه البلاد وأنا أواجه مرارآ وتكرارآ بالسؤال التالي وهو كيف تستطيع النساء العيش في بلادكم دون شغل او عمل؟؟ والسؤال ليس بعد بالمستغرب من جهة أهل الشمال؟ اذ انهم باتوا مقتنعين بأن المرأه في الشرق لاتكلف نفسها طيلة النهار تحريك أنملة ..لهذاوذلك فأني لم اكن لأضيق ذرعآ بالرد بكل سرور على فضول السائلين مرات ومرات بقدرتكرار السؤال ردآ واحد..وهو ان الظروف الطبيعية تختلف في بعض بقاع العالم عن بعضها الاخر…وهذه الظروف هي التي تتحكم في تكوين أرائنا وعاداتنا واساليب معيشتنا ومتطلبات حياتنا)) وتضيف سالمه (( ليس الامر كذلك مع أهل الجنوب فقد أنعمت عليهم الطبيعة بدفء الطقس وكثرة الخيرات…وكذلك ينعمون بالقناعة وبساطة العيش، والعرب الذين كثيرآ ما تتهمهم كتب الغرب بالكسل والخمول هم بعد الصينيون آكثر شعوب ألارض قناعة وحين يقول العربي (القناعه كنز لايفنى!) فانه يعني أن في بساطة العيش والاكتفاء الذاتي توفيرآ وأقتصادآ)) وترد سالمه على ادعاءات بعض الاوربيين حول عمل المرأة العربية….(( وبعد فمن الخطأ الكبير القول بأنه ليس لدى المرأة الشرقية ماتعمله طيلة يومها ،فالصحيح أنها لاتعمل خارج بيتها لعدم حاجتها للعمل!وصحيح أنها لاترسم أو تعزف على البيانو أو ترقص أو ترتاد الحفلات..ولكن هذه الامور ليست كل الوسائل المتيسرة لقضاء الوقت، واذا كانت المرأة الاوربية تمارس هذه الهوايات والاعمال بحثآ عن السعادة أو جريآ وراء الملذات فنحن الجنوبيات سعيدات وراضيات بحياتنا، ولا نعرف هذا اللهاث المسعور وراء المال والملذات)) ..بعد ذلك تعرضت الى موضو ع مهم يضبط نهار المسلم والمسلمة الا وهو الصلاة..حيث قالت(( فالصلاة فريضة على المسلم يؤديها خمس مرات كل يوم، حيث يسجد ورعآ خاشعآ أمام الخالق الاكبر،وتستهلك أوقات الصلاة هذه مع ما يسبقها من موجبات الطهارة والوضوء ثم ما يستحب أن يليها من الادعية والنوافل حوالي ثلاثة ساعات من النهار)) واخيرآ اود ان اختم هذه المذكرات بهذا الرأي لسالمه بنت سعيد…بعد ان عاشت عشرون سنة من حياتها كمسيحية!! في أوربا حيث قالت (( تعرفت على الكثير من الزيجات هنا في أوربا والتي ظاهرها السعادة وباطنها شر أنواع العذاب وقد أنتهت بي ملاحظاتي المتكررة الى أن نظام الزواج المسيحي لا يفوق النظام الاسلامي في شيء ولا يحقق بذاته سعادة أكثر!.. والحقيقة التي انتهيت إليها والتي لا شك فيها أن السعادة العائلية والانسجام الزوجي لا علاقة لهما بنظم الزواج ولا بدين المرء أومعتقده أوتقاليده وأنما يعتمدان أولآ وأخيرآ على مقدار تفهم كل من الزوجيين للأخر….)) اعزائي لا اريد ان اطيل عليكم في السرد اذ اتوقف هنا … مع العلم ان هناك أحداث كثيرة ومشوقه سوف تحدث لسالمه واخيها ماجد وأخيهما برغش!!وكذلك المزيد من الاراء والافكار حول مواضيع مهمة مثل الرق والقبيلة والصداقة.. حيث ناقشت سالمه هذه المواضيع بعقلية شرقيه متنورة ومتأثرة بالدين الاسلامي ومتوجهتآ بهذا الى العقل الاوربي ..وأسلوب جميل متفرد يمكن ان يندرج تحت بند الادب النسائي.. ولمن يريد ان يطلع على الكتاب كاملآ عليه بالرابط التالي….
http://4kitab.com/book/1584
 
ولا يسعني في
 
النهاية الا ان اشكر صبركم لقراءة الملخص لنهايته
 
….. تحياتي لكم ولمروركم …..البحر…..


هناك 8 تعليقات:

  1. أخــــــــــــي واثق العطية ألبحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
    وأسعد الله صباحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك
    تابعت بكل اهتمام الجزء الاول والجزء الثاني والاخير من مذكرات أميرة عربية من زنجبار
    وبالرغم من انني كنت سابقا قد اطلعت على هذه المذكرات من خلال مدونتك على مكتوب
    ومن خلال كتاب المذكرات نفسة الا انني في كل مرة اقف متسائلا لماذا تم تغيب هذا التاريخ
    ولماذا لم يتم تسليط الضوء على هذه المذكرات وهذا التاريخ من قبل وسائل الاعلام العربية لتعريف الناس بهذا التاريخ وهل ان تغيب التاريخ هو امر مقصود وهناك من هم يحاولون طمس كثير من التاريخ العربي .
    تحية لك اخي البحــــــــــــــــر على تسليطك الضوء على هذه المذكرات واسمح لي ان اقف احتراما لشخصك الكريم على عذا الومضوع وكل المواضيع التي تطرحها سواء من خلال مدونتك هذه على بلوجر او مدونتك السابقة على مكتوب او من خلال الفيسبوك فشكرا لك

    ردحذف
    الردود
    1. الاخ علي مزهر اشكر مرورك ومتابعتك للمذكرات ...
      نحن مطالبون بالاطلاع على تاريخ امتنا وهذا جزء من تاريخ وافكار مشرقة.....تسلم على المرور

      حذف
  2. تقديم رائع ومشوق يدفع بنا فعلا لقراءة الكتاب
    شكرا لهذا المجهود
    وشكرا لهذا الاختيار الفريد

    ردحذف
    الردود
    1. الاخت المتابعة الدائمة......اسعدني مرورك وكلماتك المعبرة....اخيك

      حذف
  3. السلام عليكم
    سرد رائع وممتع
    ملخص متقن .بورك فيك
    وشكرا جزيلا على الرابط
    دمت بخير

    ردحذف
    الردود
    1. الاخت المدونة المثقفة وصاحبة القلم الذهبي....تحية لك على المرور على ادراجاتي....
      ودمتي بالف خير

      حذف
  4. الاخ الغالى بحر العلوم
    سعدت بقراءة الجزء الثانى ورغم قرائتى له سابقا الا اننى تذوقته لسردكم الرائع كما انت دوما
    فيا بحر ارمى لنا من دررك لنستمتع
    تحياتى لكم ودمتم لنا

    ردحذف
    الردود
    1. اخي الكاتب المميز عادل .....لقد اسعدني مروركم وتعليقاتكم المميزة على ادراجي وشرفتني بالحضور
      .....اخيك

      حذف